مخاوف يمنية من تمرد الحوثيين

مخاوف يمنية من تطلع الحوثيين للحكم الذاتي

خالد البرديسي
Image
عناصر من الجيش خلال مواجهات في صعدة (أرشيف)
في وقت تطرح فيه إستراتيجية جديدة للحكم المحلي في اليمن، ووسط أحاديث متواترة عن دعم لوجستي إيراني للمتمردين الحوثيين المتمركزين في محافظة صعدة، تتزايد المخاوف لدى المراقبين من سعي الجماعة الشيعية إلى إقامة حكم ذاتي في المحافظة، التي يشكل الشيعة فيها الأغلبية المطلقة.

وينفي أتباع القائد المتمرد عبد الملك الحوثي، الذي قاد معارك ضارية ضد القوات الحكومية، أي نية للانفصال عن صنعاء.

وفي تصريح لشبكة "إسلام أون لاين.نت" قال المحلل السياسي اليمني محمد الغباري: إن "الحوثيين يشعرون الآن بنشوة تحقيق الانتصار على الحكومة بعد إعلان الأخيرة وقف إطلاق النار".
طالع أيضا:

* د.الدغشي: السلطة اليمنية مسئولة عن أزمة الحوثيين
* الدغشي: تمدد سلفي وصوفي وتشيع عسكري للزيدية في اليمن

وتوقفت المواجهات العسكرية بين الجانبين يوم 17-7-2008 بقرار أحادي الجانب من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، تبعه موافقة من عبد الملك الحوثي.

ورأى الغباري أن "فكرة الحكم الذاتي للحوثيين في صعدة مطروحة في ظل تأييد المعارضة اليمنية للتسريع بنظام الحكم المحلي الذي طرحه الرئيس صالح".

وتجرى حاليا مناقشات في مجلس الشورى لإنهاء الإعداد للإستراتيجية الجديدة التى تستهدف الانتقال إلى اللامركزية الإدارية عبر تقسيم البلاد إلى سبع ولايات يكون لكل ولاية برلمان وحكومة محلية وشرطة خاصة بها.

وأضاف الغباري أنه "وفقا لتلك الصيغة فإن النظام الجديد سيمنح المحافظات صلاحيات أشبه بالحكم الذاتي"، لافتا إلى أن "الحوثيين يرون أنهم مؤهلون لقيادة محافظة صعدة وبعض المدن المجاورة لها.. لما لهم من نفوذ فيها".

دعم "إيراني"

من ناحية أخرى أشار المحلل السياسي اليمني إلى ما وصفه بـ"الدعم اللامحدود الذي تبديه إيران للمتمردين ماليا وعسكريا".

واعتبر الغباري أنه "لولا الدعم الإيراني الكبير لأنصار عبد الملك الحوثي لما استطاع الصمود أمام الدولة اليمنية طيلة أربع سنوات.. إيران تمدهم بالسلاح وبالمال.. وبالتدريب العسكري.. لدرجة أنها أقامت لهم شبكة اتصالات خاصة بهم"، مشددا على أن "للدولة الشيعية (إيران) مصلحة كبيرة في تقوية شوكة الحوثيين".

بدوره أعرب المحلل السياسي اليمني "عبد الرقيب منصور" عن قلقه من تواتر الأحاديث في الفترة الأخيرة عن "تحول العديد من الشيعة الزيدية (الأقرب للمذهب السني) إلى المذهب الإثنا عشري الذي يعتنقه غالبية الإيرانيين".

واحتفل أتباع الحوثي في صعدة بعيد الفطر المبارك في يوم مختلف عن بقية اليمن؛ مما عزز من الشكوك حول نية الجماعة إقامة نظام حكم خاص بها في المحافظة.

وأرجع منصور هذا الأمر، في حال التيقن منه، إلى "الدعم الكبير الذي يتلقاه الحوثيون من الحوزات العلمية الشيعية في إيران برضا وبمساعدة حكومة طهران بطبيعة الحال".

ممانعة عربية

ورأى منصور أن "فكرة الحكم الذاتي تراود الحوثيين، إلا أن تحقيق هذا الأمر يصطدم بمصالح دول إقليمية تتجاوز حتي الدولة اليمنية".

وتابع موضحا أن "السعودية لن تسمح بإقامة دولة أو فيدرالية شيعية موالية لإيران على حدودها"، وتتاخم صعدة الحدود الجنوبية للمملكة.

وأضاف أن "هناك شبه إجماع في البلدان العربية السنية على عدم السماح بقيام أي كيان شيعي قوي داخل بلدانهم، وهذا سيجعل هذه الدول تدعم اليمن في مواجهة الطموح الحوثي".

وتشهد العلاقات العربية الإيرانية بشكل عام توترا بسبب ما يقال عن التدخل الإيراني في كل من لبنان والعراق ومحاولة طهران نشر الفكر الشيعي في البلدان ذات الأغلبية السنية.

من جهته استبعد الدبلوماسي اليمني السابق "علي محسن حميد" إمكانية تمكن الحوثيين من إقامة حكم ذاتي في صعدة، مرجعا ذلك إلى أن "نفوذهم لا يشمل كامل مناطق المحافظة".

وأضاف حميد أن "الحوثيين يسعون بقوة لنشر مذهبهم الشيعي داخل الأراضي اليمنية كأولوية، لكن مقومات الحكم الذاتي ليست متوفرة لديهم بدرجة كبيرة"، وتنفي إيران بشكل دائم دعمها للحوثيين، لكنه شدد على أن "طهران تحاول إيجاد بؤر شيعية".

"دفاع عن النفس"

مقابل هذه المخاوف نفى قاسم الحمراني، القيادي في التيار الحوثي، نية التيار العمل على اقتناص حكم ذاتي من الدولة اليمنية.

واعتبر الحمراني أن ما يقوم به تياره هو "مجرد دفاع عن النفس.. نطالب بتطبيق الدستور والقانون الذي يكفل لنا حق ممارسة العبادة والشعائر".

ودافع عن احتفال الحوثيين ببداية عيد الفطر هذا العام في يوم مختلف عن بقية اليمنيين بأن "الدولة لم تتحر الرؤية الشرعية، واعتمدت على رؤية الدول المجاورة، وهذا مخالف للشرع الذي حضنا على تحري الهلال".

ونفى القيادي الحوثي حصول تياره على أي دعم من إيران قائلا: "لا نحصل على دعم من إيران أو غير إيران، لكننا نحتفظ بعلاقات طيبة مع البلدان المختلفة".

ويرفض الحوثيون النظام الحاكم في اليمن باعتباره "غير شرعي"، ويدعون إلى إعادة حكم الأئمة الزيديين الذين أطيح بهم في انقلاب عسكري عام 1962، كما يدعون إلى العنف ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، بحسب تصنيف السلطات اليمنية التي أكدت عدم وجود صلة لهم بتنظيم القاعدة.

ويتمركز تمردهم في المناطق المحيطة بمدينة صعدة، عاصمة المحافظة، وهي منطقة جبلية وعرة وفقيرة ينتمي معظم سكانها إلى المذهب الزيدي، ويشكل السنة معظم سكان اليمن البالغ عددهم نحو 19 مليون نسمة، في حين يمثل الشيعة نحو 15%.